الجراح السعودي هاني نجم يشرح كيف يستخدم التقنية في إجراء عمليات جراحية في الولايات المتحدة كان يُعتقد أنها مستحيلة، معتبرًا أنها مجرد بداية
أوهايو، 04 نوفمبر 2019 – يُثير الطبيب السعودي الدكتور هاني نجم، جراح القلب في مستشفى كليفلاند كلينك للأطفال بولاية أوهايو الأمريكية، اهتمام الأوساط الطبية والعلمية باستخدامه المبتكر للطباعة ثلاثية الأبعاد في الإتيان بحلول جراحية أفضل للمواليد المصابين بعيوب خلقية معقدة في القلب. ومع ذلك يرى الجراّح المختص أن ثمّة المزيد من التطبيقات الجديدة لهذه التقنية التي من شأنها أن تُحدث التحوّل في آلية تشخيص المرضى وإجراء جراحات القلب في المستقبل.
وتلقى الدكتور نجم إشادة خاصة لاستخدامه النماذج المجسمة في التخطيط لإجراء عمليات جراحية كبرى لعلاج سبعة مرضى تفاقمت ظروفهم الصحية المعقدة بسبب مرض “التوضّع المغاير”، وهي حالة لا تتموضع فيها الأعضاء الداخلية في الصدر والبطن بالطريقة المعتادة.
وضمّت الحالات السبع حالة طفلة اسمها بيزلي كورتيس حالة معقدة اشتملت على عدة عيوب بينها عيب تشريحي لقلبها الذي افتقد إلى التقسيم التشريحي المعياري إلى بُطينين يضخ الأيمن الدم إلى الرئتين فيما يضخ الأيسر الدم المؤكسج (المحمل بالأكسجين) إلى بقية الجسم.
وقال الدكتور نجم، إنه لم يكن بالإمكان في الماضي علاج هؤلاء المرضى و”فصل” البطينين أحدهما عن الآخر من خلال الجراحة، مشيرًا إلى أن جرّاحي القلب كانوا يرون أن القلب أعقد من أن يكون بالإمكان تحويله من الداخل إلى نظام قياسي ثنائي الدورة الدموية.
وأوضح أن الأطباء كانوا، بدلاً من ذلك، يُجرون جراحات لتوجيه الدم إلى الدورة الدموية البطينية، التي يضخ فيها البطينان الاثنان الدم إلى الجسم، لتتلقاه الرئتان من الجسم مباشرةً بتأثير الجاذبية لا الضخ.
وعمل جراح القلب السعودي عن كثب مع مهندسين في معهد “ليرنر” للأبحاث التابع لكليفلاند كلينك من أجل إنشاء نسخة مطبوعة مجسمة طبق الأصل لقلب الطفلة بيزلي حتى يتمكن باستخدامها من التخطيط لعملية تسمح له بإجراء التبديل البطيني للتعويض عن شريانها الأورطي الذي يتموضع بعيدًا عن البطين الأيسر لقلبها.
وأضاف: “حولنا قلب الصغيرة إلى نظام ثنائي البطين، مع توجيه البطين الأيمن إلى الشريان الأورطي لضخ الدم إلى الجسم، في حين يضخّ البطين الأيسر الدم إلى الرئتين، بعكس الحالة المعتادة، وذلك بعد أن فحصت نموذج القلب المجسم المطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد فحصًا دقيقًا، وأتخذ القرار مطمئنًا إلى سلامة الإجراءات التي اتبعناها. وقد سهّل علينا في التخطيط للعملية الجراحية وجود نموذج مجسم ومرمّز بالألوان وفقًا للأنظمة الوريدية والشريانية، وحملت نموذج القلب ثلاثي الأبعاد وقصصته وقلّبته بين يدي، وأنا أنظر وأفكر فيما يمكن عمله بالضبط، لذلك عندما شرعت في إجراء الجراحة على الطفلة الرضيعة وجدت نفسي في مواجهة عضوٍ أعرفه حق المعرفة”.
وشرع الدكتور نجم في تغيير قلب بيزلي بطريقة من شأنها أن تكفل نجاتها وسلامتها على المدى الطويل، وذلك في عمليتين؛ الأولى بعد ولادتها بستة أيام فقط، والثانية عندما كان لها من العمر تسعة أشهر.
لكنه قال إنه يتصور أنه في سن الثلاثين أو الأربعين تقريبًا، قد لا يؤدي البطين الأيمن الذي أصبح الآن يضخ الدم إلى الجسم، عمله مثل البطين الأيسر، ولكنها مشكلة سيكون من السهل نسبيًا التعامل معها في حينه، مقارنة بالحل البطيني التقليدي الذي من المحتمل أن يؤدي إلى خطر فشل القلب بطريقة أسوأ وأسرع.
وغالبًا ما يُسأل الدكتور نجم عن دور تقنية الواقع الافتراضي في العمليات المنقذة للحياة في المستقبل وما إذا كانت ستلعب دورًا مهمًّا فيها، لكنه يُعرب عن اعتقاده بأن الطباعة ثلاثية الأبعاد تتفوق بكثير نظرًا لكون القلب المجسّم الناتج عنها أكثر دقة من التمثيل الرقمي للواقع الافتراضي، ولأن الجراحين بوسعهم التعامل مع نموذج القلب لمعرفة كيف سيتصرفون في القلب الحقيقي أثناء الجراحة، وذلك بطريقة لا يمكن مطابقتها على الشاشة.
ويعترف جرّاح القلب بأن الطباعة المجسمة يمكن أن تكون مكلفة، مؤكّدًا أن فريقه يدّخر اللجوء إليها للحالات المعقدة، بمعدل مرّة أو اثنتين في الشهر. ويقول إنه لن يُجدي جعل برمجيات الطباعة الطبية ثلاثية الأبعاد متاحة على نطاق تجاري واسع، مشيرًا إلى أهمية المدخلات التي يضعها الطبيب في هذه البرمجيات لضمان استخلاص أقصى قيمة ممكنة من النموذج المطبوع.
ويتوقع الدكتور نجم أن تتيح الطباعة ثلاثية الأبعاد المزيد من الاستخدامات التطبيقية الثورية في المستقبل.
ونوّه الطبيب الجرّاح بأهمية تطبيق التقنيات والكيفية المتبعة في ذلك، معتبرًا أن التقنيات الجديدة “لا تُحدث التقدّم المنشود من تلقاء نفسها”، معربًا عن اعتقاده “بأننا سنكون قادرين في المستقبل على طلب رقع تصحيحية للقلوب، مثل صمام ما، بالأبعاد التي نحتاجها بالضبط”، وانتهى إلى القول: “لن تكون هذه الرقع عامة، ولكنها ستأتي مفصّلة لكل مريض حسب الحاجة وتُطبع باستخدام الأنسجة، وتُخاط إلى القلب، ولا يزال العلم يبحث في هذا المجال، نظرًا للحاجة إلى التغلّب على عقبة المواد التي سيتم استخدامها، لكنني أرى بأن المستقبل سوف يحمل لنا الحلول المناسبة”.
-انتهى-
نبذة عن كليفلاند كلينك
كليفلاند كلينك هي مؤسسة طبية أكاديمية غير ربحية متعددة التخصصات، تجمع بين الرعاية الطبية وأنشطة البحوث والتعليم، وتتخذ من كليفلاند في ولاية أوهايو مقراً لها. تأسست كليفلاند كلينك في العام 1921 على يد أربعة أطباء مرموقين بهدف تزويد المرضى بخدمات رعاية متميزة ترتكز على مبادئ التعاون والتعاطف والابتكار، وقد نجحت في تحقيق العديد من الإنجازات الطبية المهمة، مثل مجازة الشريان التاجي وأول عملية زرع وجه في الولايات المتحدة.
ويُصنّف تقرير “يو إس نيوز آند ورلد ريبورت” لأفضل المستشفيات في الولايات المتحدة كليفلاند كلينك باستمرار باعتباره أحد أفضل المستشفيات في الولايات المتحدة.
يبلغ عدد موظفي كليفلاند كلينك 66,000 موظف، منهم أكثر من 4,200 طبيب وباحث و16,600 ممرض وممرضة في 140 من التخصصات الطبية والتخصصات الدقيقة. وتتضمن شبكة مرافق كليفلاند كلينك الصحية المبنى الرئيسي الواقع على مساحة 165 فداناً بالقرب من وسط مدينة كليفلاند 11 مستشفى مجتمعية وأكثر من 180 عيادة خارجية في شمال أوهايو، من بينها 18 مركزاً لصحة الأسرة وثلاثة مراكز للصحة واللياقة، وفروع في فلوريدا ولاس فيغاس، بالإضافة إلى أخرى في لندن وتورونتو وأبوظبي.
وفي العام 2018، سجلت شبكة كليفلاند كلينك الصحية 7.9 مليون زيارة للعيادات الخارجية و238,000 حالة دخول للمستشفى و220,000 عملية جراحية، وجاء المرضى من جميع الولايات الأميركية ومن أكثر من 185 دولة حول العالم.